الثلاثاء، 19 أبريل 2011

العصفور والثعبـــان!!!

العصفور و التعبــــــــــــــــان
...

...كان هناك ثعبان وعصفور يعيشان في غابة وارفة الأشجار والظلال، جوار مدينة ما... التقيا ذات مرة وتعارفا.

# ما أجملك أيها العصفور؟! وما أبها ريشك الملون وتغريدك العذب؟!

نظر العصفور في امتنان إلى الثعبان وردد في حياء: أنت تراني جميل في مرآة نفسك الطيبة، فأنت أيضاً لك جلد بديع، صاغته ريشة فنان مبدع، هذه النجوم الزرقاء والخطوط الحمراء.

ابتسم الثعبان ابتسامة ودودة وأردف: هل تعرف يا صديقي البشر؟!

نظر العصفور إلى صديقه في دهشة: البشر من بني آدم؟ أسمع عنهم فقط.

أردف الثعبان في توجس: انتبه جيداً!! أحياناً يأتون إلى هنا.

# لكني لم أر أحداً منهم حتى الآن.

# إني أخاف عليك منهم، قد يراك صبي طائش في يده مقلاع فيصيدك بحجر، فتسقط على الأرض مضرجاً في دمائك، يأخذك إلى البيت وينزع ريشك الجميل ويشويك ويأكل لحمك القليل، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع في أعياد النيروز [1].

ارتعش العصفور، وهو يسمع لثعبان يتحدث في تلذذ واللعاب يسيل من فمه على لحيته فيلعقه بلسانه المزدوج، فردد في وجل: آه رباه... أنا لا أريد أن يفعلوا بي ذلك.

# إنهم لا يقدرون الجمال، يرونك قطعة من اللحم تشوى وتؤكل في الأعياد، ويروني حقيبة من الجلد الفاخر تشرى وتهدى إلى السيدات الساقطات.

# أنت تعرف كثيراً عن البشر يا صديقي.

# وما خفي أعظم، هل ترى تلك الصقور المسكينة مع المصورين؟ هل تعتقد أنها جاءت بنفسها إلى المدينة لتقوم بمثل هذا العمل الشاق، تضع على الأكتاف أمام أضواء الفلاشات وسط هذا الضجيج؟! إنهم ذهبوا واقتنصوها من معاقلها في الجبال المجاورة، وأتوا بها إلى المدينة وباعوها إلى المصورين.

# مسكينة هذه الصقور النبيلة.

# أجل تعيش هكذا بلا زوجة ولا أبناء ولا عش، مربوطة الساق، مهيضة الجناح، مكسورة الخاطر.

# أنت فيلسوف يا صديقي.

# أنا لست فيلسوفاً بل أعرف الحقيقة، لماذا لا يأتوا بالحيوانات التي رضت حياة الذل بين البشر، كالحمير والكلاب والدجاج، لتقوم بهذا العمل الكئيب؟ الجلوس أما الكاميرات بدل الصقور.

# أنت حكيم يا صديقي.

# أنا لست حكيما بل أعرف الحقيقة، حتى هذه الحيوانات المسكينة عندما يدركها الكبر يتركونها تهيم على وجهها في الطرقات، تواجه الموت جوعاً ومرضاً، ثم يلقوا بها في المزابل، فلا تحصل على موت كريم يليق بخدماتها الجليلة لبني البشر.

# أنا لن أمكنهم مني أبداً... سأعيش حر وأموت حر.

# قلت لك أنهم يأتون ولا يرحمون، لقد فعلوا ذلك لبني جلدتهم من البشر السود الإفريقيين أيضاً.

# السود؟!

# كان هؤلاء السود يعيشون أحراراً مثلنا في الغابات، فجاءوا إليهم من بلادهم البعيدة وراء البحار وأسروهم واقتادوهم في الأغلال ليعلموا في معسكرات العمل في سيبيريا [2] ويبيعونهم ويشترونهم كالسلعة تماماً.

# إن البشرة قساة! لماذا يفعلوا ذلك بالسود؟!

# لأنهم يكرهون اللون الأسود، الحقد في نظرهم أسود، الموت عندهم أسود، انظر بنفسك إلى تلك الغربان التي ترتفع في حدائقهم ولا أحد يأبه لها، لأنها قبيحة المنظر وصوتها فج، فهم يتشاءمون منها، لكن إذا ذهبت أنت إلى الحدائق سيكون لك شأن آخر.

# ماذا؟!... ماذا تعني؟!

ضحك الثعبان في خبث: سيأسروك ويجعلوك في قفص ذهبي، يضعونك في استقبال الفنادق أو قصور المترفين، يتسلى بك أطفالهم التعساء.

أدهشت العصفور العبارة الأخيرة "التعساء": هل تعتقد أن أطفال الأسر الموسورة تعساء؟

# نعم لأنهم يعيشون في سجون بلا قضبان، إن ذويهم يحرمون عليهم التجول ليلاً أو الذهاب إلى السينما.

# لماذا؟

ضحك الثعبان ضحكة ماجنة وردد بصوت يشوبه الغنج: يخافون عليهم من...

ضحك العصفور في جزل، ويبدو أن أحاديث الثعبان أخذت تروقه: لن أذهب إلى تلك الحدائق في المدينة أبداً.

# ألم اقل لك أنهم قادمون، صه ألا تسمع، مهما تأخروا فإنهم يأتون.

خفض الثعبان رأسه وأدناه من الأرض، ثم صاح بصوت مبحوح: إنهم قادمون، إني أسمع وقع أقدامهم تقترب من الغابة، لا بد أنهم يحملون البنادق لألوية الحمراء، اللعنة!!

دب الرعب في قلب العصفور المسكين، وأخذ ينتقل من غصن إلى غصن في توجس ويتلفت يمنى ويسرى: أين المفر؟ أين اختبئ؟ إنهم قادمون.

ردد الثعبان في حنو بالغ مس شغاف قلب العصفور: تعال إلي، سأحميك منهم، لن أجعلهم يأخذوك إلى الأقفاص وأعياد النيروز.
نظر العصفور في عيني الثعبان المحمرتين والمتقدتين شبقاً، وشعر بالدوار، فسقط من بين الأغصان وارتمي بين أحضان صديقه الماكر، تنفس الثعبان الصعداء وأطلق زفرة حارة أشعلت جسد العصفور المسكين، وردد في تشفي: نعم لن يأخذوك، لأني سأكلك وأجعلك تسري في دمي، وأضمن بذلك لجمالك الفاني الخلود الأبدي.

صعق العصفور المغدور، ثم شهق من الألم وقد أحس بالناب المسموم ينغرس في جسده الغض... أغمض عينيه... استسلم للقدر المحتوم.





تعليقي
ذكرني هذا العصفور الجميل بالمرأة المُسلمة خلقها ربّها جميلة حرّة مكرّمة عندها فضاء رحب لو أبصرته لعاشت سعيدة ..حفّها ربّها بجملة من الأحكام في الإسلام تجعل منها ملكة ،سيّدة حرّة أبيّة..فجاءها قوم ليسوا منها و أخبروها بأن قومها يمكُرون بها وأنها مسكينة مظلومة مخدوعة سُلبت حريّاتها و حقوقها و دعوهْا# تماما كما دعى الثعبان العصفور# بأن ترتمي في أحضانهم ليحموها و يعطوها حريّتها وكان استقبال القوم لها حارّا #تماما كزفرة الثعبان التي أشعلت جسد العصفور المسكين#والنهاية تماما بتمام #أكل الثعبان العصفور و جعله يسري في دمائه #و أكل الكفّار الغربيون كرامة وعفّة وجمال المرأة المسلمة و جعلوها تسري في دماء الحضارة الغربية الخبيثة وبدلا من أن تكون جوهرة مصونة باتت لعبة مفتونة